البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الهمزة مكية

صفحة 909 - الجزء 2

سورة الهمزة مكية

  : قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ١} فالهمزة المغتاب واللمزة الغياب ومنه قول زياد الأعجم:

  يدلي بودي إذا لاقيته كذبا ... وإن أُغيَّب فأنت الهامز اللمزه

  وقيل الهمزة: الذي يعيب الناس جهراً بيد أو لسان، واللمزة: الذي يعيبهم سراً بعين أو حاجب قال العجاج:

  في ظل عصري باطل ولمزه

  وهذه الآية نزلت في أبيّ بن خلف {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ٢} يعني أحصى عدده {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ٣} يعني يزيد في عمره ويمنعه من الموت {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ٤} يعني لينبذن الكافر في الحطمة والحطمة النار لأنها تحطم ما ألقي فيها ومنه قول الراجز:

  إنا حطمنا بالقضيب مصعبا ... ثم كسرنا أنفه ليغضبا

  {... الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ٧} روينا عن سيدنا رسول الله ÷: «أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم لأنها لو أحرقت أفئدتهم لما تألموا بها».

  {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ٨} يعني مطبقة مغلقة يقولون: أصد الباب أي أغلقه ومنه قول عبدالله بن قيس الرقيان:

  إن في القصر لو دخلنا غزالا ... مصفقاً موصداً عليه الحجاب

  {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ٩} ويجوز أن يكون المعنى في العمد الممدة الأغلال في أعناقهم والقيود في أرجلهم.