شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

الابتداء المبتدأ قسمان: مبتدأ له خبر، ومبتدأ له مرفوع اغنى عن الخبر

صفحة 192 - الجزء 1

  فغير: مبتدأ، ومأسوف: مخفوض بالإضافة، وعلى زمن: جار ومجرور فى موضع رفع بمأسوف لنيابته مناب الفاعل، وقد سدّ مسدّ خبر غير.

  وقد سأل أبو الفتح بن جنى ولده عن إعراب هذا البيت؛ فارتبك فى إعرابه.

  ومذهب البصريين - إلا الأخفش - أن هذا الوصف لا يكون مبتدأ إلا إذا اعتمد على نفى أو استفهام⁣(⁣١)، وذهب الأخفش والكوفيون إلى عدم اشتراط


= التمثيل به: فى قوله «غير مأسوف على زمن» حيث أجرى قوله «على زمن» النائب عن الفاعل مجرى الزيدين فى قولك «ما مضروب الزيدان» فى أن كل واحد منهما سد مسد الخبر؛ لأن المتضايفين بمنزلة الاسم الواحد، فحيث كان نائب الفاعل يسد مع أحدهما مسد الخبر فإنه يسد مع الآخر أيضا، وكأنه قال «ما مأسوف على زمن» على ما بيناه فى الشاهد السابق.

هذا أحد توجيهات ثلاثة فى ذلك ونحوه، وإليه ذهب ابن الشجرى فى أماليه.

والتوجيه الثانى لابن جنى وابن الحاجب، وحاصله أن قوله «غير» خبر مقدم، وأصل الكلام: «زمن ينقضى بالهم غير مأسوف عليه» وهو توجيه ليس بشئ؟ لما يلزم عليه من التكلفات البعيدة؛ لأن العبارة الواردة فى البيت لا تصير إلى هذا إلا بتكلف كثير.

والتوجيه الثالث لابن الخشاب، وحاصله أن قوله «غير» خبر لمبتدأ محذوف تقديره «أنا غير - إلخ» وقوله «مأسوف» ليس اسم مفعول، بل هو مصدر مثل «الميسور والمعسور، والمجلود، والمحلوف» وأراد به هنا اسم الفاعل، فكأنه قال «أنا غير آسف - إلخ» وانظر ما فيه من التكلف والمشقة والجهد.

ومثل هذا البيت والشاهد السابق قول المتنبى يمدح بدر بن عمار:

ليس بالمنكر أن برّزت سبقا ... غير مدفوع عن السّبق العراب

(١) مذهب جماعة من النحاة أنه يجب أن يكون الفاعل الذى يرفعه الوصف المعتمد اسما ظاهرا، ولا يجوز أن يكون ضميرا منفصلا، فإن سمع ما ظاهره ذلك فهو محمول على أن الوصف خبر مقدم والضمير مبتدأ مؤخر، وعند هؤلاء أنك إذا قلت «أمسافر