شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

تحذير المتكلم نفسه شاذ، وتحذير الغائب أشذ

صفحة 300 - الجزء 2

  التحذير: تنبيه المخاطب على أمر يجب الاحتراز منه.

  فإن كان بإياك وأحواته - وهو إياك، وإياكما، وإياكم، وإياكنّ - وجب إضمار الناصب: سواء وجد عطف أم لا؛ فمثاله مع العطف: «إيّاك والشّرّ» فـ «إياك»: منصوب بفعل مضمر وجوبا، والتقدير: إياك أحذّر، ومثاله بدون العطف: «إياك أن تفعل كذا» أى: إياك من أن تفعل كذا.

  وإن كان بغير «إياك» وأخواته - وهو المراد بقوله: «وما سواه» - فلا يجب إضمار الناصب، إلا مع العطف، كقولك: «ماز رأسك والسّيف» أى: يا مازن ق رأسك واحذر السيف، أو التكرار، نحو «الضّيغم الضّيعم» أى: احذر الضيغم؛ فإن لم يكن عطف ولا تكرار جاز إضمار الناصب وإظهاره، نحو «الأسد» أى: احذر الأسد؛ فإن شئت أظهرت، وإن شئت أضمرت.

  * * *

  وشذّ «إيّاى»، و «إيّاه» أشذّ ... وعن سبيل القصد من قاس انتبذ⁣(⁣١)

  حقّ التحذير أن يكون للمخاطب، وشذ مجيئه للمتكلم فى قوله: «إيّاى وأن يحذف أحدكم الأرنب⁣(⁣٢)» وأشذّ منه مجيئه للغائب فى قوله: «إذا بلغ الرجل


(١) «شذ» فعل ماض «إياى» مقصود لفظه: فاعل شذ «وإياه» مقصود لفظه أيضا: مبتدأ «أشذ» خبر المبتدأ «وعن سبيل» جار ومجرور متعلق بانتبذ الآتى، وسبيل مضاف، و «القصد» مضاف إليه «من» اسم موصول: مبتدأ، وجملة «قاس» وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة، وجملة «انتبذ» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) هذا أثر عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه، وهو بنمامه «لتذك لكم الأسل والرماح، وإياى وأن يحذف أحدكم الأرنب» ويحذف: أى يرمى بنحو حجر، والأسل: كل مادق من الحديد كالسيف والسكين، والرماح: جمع رمح، وهو آلة من آلات الحرب معروفة، يأمرهم بأن يذبحوا بالأسل وبالرماح، وينهاهم أن يحذفوا الأرنب ونحوه بنحو حجر.