يجوز الغاء العامل المتوسط والمتأخر دون المتقدم
  يجوز إلغاء هذه الأفعال المتصرفة إذا وقعت فى غير الابتداء، كما إذا وقعت وسطا، نحو «زيد ظننت قائم» أو آخرا، نحو «زيد قائم ظننت»(١)، وإذا توسّطت، فقيل: الإعمال والإلغاء سيّان، وقيل: الإعمال أحسن من الإلغاء، وإن تأخّرت فالإلغاء أحسن، وإن تقدمت امتنع الإلغاء عند البصريين؛ فلا تقول: «ظننت زيد قائم» بل يجب الإعمال؛ فتقول: «ظننت زيدا قائما» فإن جاء من لسان العرب ما يوهم إلغاءها متقدمة أوّل على إضمار ضمير الشأن، كقوله:
  ١٢٩ - أرجو وآمل أن تدنو مودّتها ... وما إخال لدينا منك تنويل
= وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الإشارة، والجملة من انحتم وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.
(١) ظاهر هذه العبارة أن الإلغاء جائز فى كل حال، ما دام العامل متوسطا أو متأخرا، وليس كذلك، بل للالغاء - مع ذلك - ثلاثة أحوال: حال يجب فيه، وحال يمتنع فيه، وحال يجوز فيه؛ فأما الحال الذى يجب فيه الإلغاء فله موضعان: أحدهما أن يكون العامل مصدرا مؤخرا نحو قولك: عمرو مسافر ظنى، فلا يجوز الإعمال ههنا؛ لأن المصدر لا يعمل متأخرا، وثانيهما: أن يتقدم المعمول وتقترن به أداة تستوجب التصدير، نحو قولك: لزيد قائم ظننت، وأما الحال الذى يمتنع فيه الإلغاء فله موضع واحد، وهو: أن يكون العامل منفيا، نحو قولك: زيدا قائما لم أظن؛ فلا يجوز هنا أن تقول: زيد قائم لم أظن؛ لئلا يتوهم أن صدر الكلام مثبت، ويجوز الإلغاء والإعمال فيما عدا ذلك.
١٢٩ - هذا البيت لكعب بن زهير بن أبى سلمى المزنى، من قصيدته التى يمدح بها سيدنا رسول الله ﷺ، والتى مطلعها:
بانت سعاد فقلبى اليوم متبول، ... متيّم إثرها، لم يفد، مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلت ... إلّا أغنّ غضيض الطّرف مكحول