قد تحذف تاء التأنيث من الفعل المسند لفاعل مؤنث من غير فصل بينهما
  فقول المصنف: «إن الحذف مفضّل على الإثبات» يشعر بأن الإثبات - أيضا - جائز، وليس كذلك(١)؛ لأنه إن أراد به أنه مفضّل عليه باعتبار أنه ثابت فى النثر والنظم، وأن الإثبات إنما جاء فى الشعر؛ فصحيح، وإن أراد أن الحذف أكثر من الإثبات فغير صحيح؛ لأن الإثبات قليل جدا.
  * * *
  ولحذف قد يأتى بلا فصل، ومع ... ضمير ذى المجاز فى شعر وقع(٢)
= لأن فاعله مؤنث، مع كونه قد فصل بين الفعل والفاعل بإلا، وذلك - عند الجمهور - مما لا يجوز فى غير الشعر. ومثل هذا الشاهد قول الراجز:
ما برئت من ريبة وذمّ ... فى حربنا إلا بنات العمّ
(١) إن الذى ذكره الشارح تجن على الناظم، وإلزام له بمذهب معين قد لا يكون ذهب إليه فى هذا الكتاب، وذلك بأن هذه المسألة خلافية بين علماء النحو، فمنهم من ذهب إلى أن لحاق تاء التأنيث وعدم لحاقها جائزان إذا فصل بين الفعل وفاعله المؤنث بإلا، ومع جواز الأمرين حذف التاء أفضل. وهذا هو الذى يصح أن يحمل عليه كلام الناظم؛ لأنه صريح الدلالة عليه. ومن العلماء من ذهب إلى أن حذف التاء فى هذه الحالة أمر واجب لا يجوز العدول عنه إلا فى ضرورة الشعر؛ من أجل أن الفاعل على التحقيق ليس هو الاسم الواقع بعد إلا، ولكنه اسم مذكر محذوف، وهو المستثنى منه؛ فإذا قلت «لم يزرنى إلا هند» فإن أصل الكلام: لم يزرنى أحد إلا هند، وأنت لو صرحت بهذا المحذوف على هذا التقدير لم يكن لك إلا حذف التاء؛ لأن الفاعل مذكر، وهذا هو الذى يريد الشارح أن يلزم به الناظم؛ لأنه مذهب الجمهور، وهو إلزام ما لا يلزم، على أن لنا فى هذا التعليل وفى ترتيب الحكم عليه كلاما لا تتسع له هذه العجالة.
(٢) «والحذف» مبتدأ، وجملة «قد يأتى» وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ «بلا فصل» جار ومجرور متعلق بيأتى «ومع» الواو عاطفة أو للاستئناف، مع ظرف متعلق بوقع الآتى، ومع مضاف، و «ضمه» مضاف إليه. وضمير مضاف و «ذى» بمعنى صاحب: مضاف إليه، وذى مضاف و «المجاز» مضاف إليه «فى شعر» جار ومجرور متعلق بوقع الآتى «وقع» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود