حكم المستثنى بليس ولا يكون، وبخلا وعدا
  واستثن ناصبا بليس وخلا ... وبعدا، وبيكون بعد «لا»(١)
  أى: استثن بـ «ليس» وما بعدها ناصبا المستثنى؛ فتقول: «قام القوم ليس زيدا، وخلا زيدا، وعدا زيدا، ولا يكون زيدا» فـ «زيدا» فى قولك: «ليس زيدا، ولا يكون زيدا» منصوب على أنه خبر «ليس، ولا يكون»، واسمهما ضمير مستتر، والمشهور أنه عائد على البعض المفهوم من القوم(٢)،
= وكل هذه الشواهد دالة على أن هذه الكلمة ليست ملازمة للنصب على الظرفية كما ذهب إليه سيبويه، والخليل، وجمهور البصريين، وادعاؤهم أن ذلك خاص بضرورة الشعر - مع كثرة ما ورد منه - مما لا يجوز أن يلتفت إليه أو يؤخذ به، وتأويل هذه الشواهد الكثيرة مما لا تدعو إليه ضرورة، ولا يمكن ارتكابه إلا مع النمحل والتكلف، ولئن ذهبنا إلى ارتكابه لم يبق تأصيل قواعد النحو ممكنا.
(١) «واستثن» فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ناصبا» حال من الفاعل المستتر فى استثن «بليس» جار ومجرور متعلق باستثن «وخلا» معطوف على ليس «وبعدا، وبيكون» جاران ومجروران معطوفان على بليس «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال من يكون، وبعد مضاف، و «لا» قصد لفظه: مضاف إليه.
(٢) للنحاة فى مرجع الضمير المستكن فى يكون من قولك «قام القوم لا يكون زيدا» والمستكن فى ليس من قولك «قام القوم ليس زيدا» ثلاثة أقوال معروفة:
(الأول) أن مرجعه هو البعض المفهوم من الكل السابق الذى هو المستثنى منه؛ فتقدير الكلام: قام القوم لا يكون هو (أى بعض القوم) زيدا؛ فهو مثل قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً} وهذا أشهر المذاهب فى هذه المسألة.
(الثانى) أن مرجعه اسم فاعل مأخوذ من الفعل العامل فى المستثنى منه؛ فتقدير الكلام: قام القوم لا يكون هو (أى القائم) زيدا.
(الثالث) أن مرجعه هو مصدر الفعل السابق العامل فى المستثنى منه، والمستثنى نفسه على تقدير مضاف، وتقدير الكلام على هذا: قام القوم لا يكون هو (أى القيام) قيام زيد.