تقديم الخبر على دام وحدها، أو عليها وعلى ما المصدرية الظرفية
  وأشار بقوله: «وكلّ سبقه دام حظر» إلى أن كلّ العرب - أو كلّ النحاة - منع سبق خبر «دام» عليها، وهذا إن أراد به أنهم منعوا تقديم خبر دام على «ما» المتصلة بها، نحو: «لا أصحبك قائما ما دام زيد» فمسلّم، وإن أراد أنهم منعوا تقديمه على «دام وحدها، نحو «لا أصحبك ما قائما دام زيد» - وعلى ذلك حمله ولده فى شرحه - ففيه نظر، والذى يظهر أنه لا يمتنع تقديم خبر
= هذا توجيه كلام الشارح العلامة كغيره من النحاة، ردا على ابن معط. وفيه خلل من جهة أنه ترتب عليه الفصل بين «منغصة» ومتعلقه وهو قوله «بادكار» بأجنبى عنهما وهو «لذاته».
وفى البيت توجيه آخر، وهو أن يكون اسم «دام» ضميرا مستترا، وقوله «منغصة» خبرها، وقوله «لذاته» نائب فاعل لقوله «منغصة»؛ لأنه اسم مفعول يعمل عمل الفعل المبنى للمجهول، وعلى هذا يخلو البيت من الشاهد؛ فلا يكون ردا على ابن معط ومن يرى رأيه.
ومن الشواهد التى يستدل بها للرد على ابن معط قول الشاعر:
ما دام حافظ سرّى من وثقت به ... فهو الّذى لست عنه راغبا أبدا
فإن قوله «حافظ سرى» خبر دام، وقوله «من وثقت به» اسمها، وقد تقدم الخبر على الاسم، ولا يرد عليه الاعتراض الذى ورد على البيت الشاهد، ولكنه يحتمل التأويل، إذ يجوز أن يكون اسم دام ضميرا مستترا يعود إلى «من وثقت به» ويكون خبرها هو «حافظ سرى»، ويكون قوله «من وثقت به» فاعلا بحافظ؛ لأنه اسم فاعل.
فإن قلت: فقد عاد الضمير على متأخر.
قلت: هو كذلك، ولكنه مغتفر ههنا؛ لأن الكلام على هذا يصير من باب الاشتغال لتقدم عاملين - وهما: دام، وحافظ سرى - وتأخر معمول واحد - وهو «من وثقت به» - فلما أعمل العامل الثانى أضمر فى الأول المرفوع، وهو جائز عند البصريين كما ستعرفه فى باب الاشتغال، إن شاء الله.