شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

إذا ورد في كلام العرب ما ظاهره ايلاء العمل معمول خبره وجب تأويله

صفحة 287 - الجزء 1

  - إذا قرئ بالتاء المثناة من فوق - فيخرّج البيتان على إضمار الشأن:

  والتقدير فى الأول «بما كان هو» أى: الشأن؛ فضمير الشأن اسم كان،


= الأول: أن قوله «والبيت لم يرو إلا يلقى المساكين بالياء التحتية» غير صحيح؛ فقد علمت أنه يروى بالياء التحتية والتاء الفوقية، وهذه عبارة الشارح العلامة تنادى بأنه قد روى بالتاء، وأن الاستشهاد بالبيت لمذهب الكوفيين إنما يتجه على رواية التاء؛ فكان عليه أن يمسك عن تخطئته فى الرواية، لأن الرواية ترجع إلى الحفظ لا إلى العقل، ولا شك أنه اطلع على كلام شارحنا لأنه شرح شواهده.

الثانى: فى قوله «ولو كان المساكين اسم ليس لقال يلقون المساكين» ليس بصواب، إذ لا يلزم على كون المساكين اسم ليس أن يقول الشاعر: يلقون المساكين، بل يجوز له أن يقول ذلك، وأن يقول: تلقى المساكين، كما بينا لك، وقد قال العبارة الثانية على رواية الجماعة من أثبات العلماء.

الثالث: أن تنظيره بقوله «كما تقول قاموا الزيدون، على أن الجملة خبر مقدم والاسم بعدها مبتدأ مؤخر» ليس تنظيرا صحيحا، لأن الاسم فى الكلام الذى نظر به جمع مذكر سالم، ومذهب البصريين أنه لا يجوز فى فعله إلا التذكير، فلم يتم له التنظير، والله يغفر لنا وله!

ومن مجموع ما قدمنا ذكره من الكلام على هذا البيت تتبين لك خمسة أمور:

الأول: أن ثلاث روايات لا يجوز على كل رواية منها فى البيت إلا وجه واحد من وجوه الإعراب.

الثانى: أنه لا شاهد فى البيت لمذهب الكوفيين على كل رواية من هذه الروايات الثلاث.

الثالث: أن استشهاد الكوفيين بالبيت على ما ذهبوا إليه لا يجوز إلا على الرواية الرابعة، وهى «وليس كل النوى تلقى المساكين».

الرابع: أن البيت يحتمل على الرواية الرابعة وجها من الإعراب غير ما أعربه عليه الكوفيون.

الخامس: أن استدلال الكوفيين بالبيت لم يتم؛ لأن الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، وأنت خبير أن الاستدلال والاستشهاد غير التمثيل.