زيادة الباء في خبر ما و ليس وغيرهما
  تزاد الباء كثيرا فى الخبر بعد «ليس، وما» نحو قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} و {أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ} و {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} و {وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ولا تختص زيادة الباء بعد «ما» بكونها حجازية خلافا لقوم، بل تزاد بعدها وبعد التميمية، وقد نقل سيبويه والفرّاء - رحمهما الله تعالى! - زيادة الباء بعد «ما» عن بنى تميم؛ فلا التفات إلى من منع ذلك، وهو موجود فى أشعارهم(١).
  وقد اضطرب رأى الفارسىّ فى ذلك؛ فمرة قال: لا تزاد الباء إلا بعد الحجازية، ومرة قال: تزاد فى الخبر المنفى.
  وقد وردت زيادة الباء قليلا فى خبر «لا» كقوله:
= ماض «البا» قصر للضرورة: فاعل جر «الخبر» مفعول به لجر «وبعد» ظرف متعلق بقوله «يجر» الآتى، وبعد مضاف، و «لا» قصد لفظه: مضاف إليه «ونفى» معطوف على لا، ونفى مضاف، و «كان» قصد لفظه: مضاف إليه «قد» حرف تقليل «يجر» فعل مضارع مبنى للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الخبر.
(١) من ذلك قول الفرزدق يمدح معن بن أوس، والفرزدق تميمى كما قلنا لك آنفا (٣٠٥):
لعمرك ما معن بتارك حفّه ... ولا منسئ معن ولا متيسّر
ثم إن الباء قد دخلت فى خبر «ما» غير العاملة بسبب فقدان شرط من شروط عملها، وذلك كما فى قول المتنخل الهذلى:
لعمرك ما إن أبو مالك ... بواه، ولا بضعيف قواه
فأبو مالك مبتدأ، ولا عمل لما فيه؛ لكونه قد جاء مسبوقا بإن الزائدة بعد ما؟ وقد أدخل الباء فى خبر هذا المبتدأ - وهو قوله «بواه» - فدل ذلك على أن كون «ما» عاملة أو حجازية ليس بشرط لدخول الباء على خبرها.