أنواع شبه الحرف أربعة
  [واحد]، كالتاء فى ضربت، أو على حرفين كـ «نا» فى «أكرمنا»، وإلى ذلك أشار بقوله: «فى اسمى جئتنا» فالتاء فى جئتنا اسم؛ لأنه فاعل، وهو مبنى؛ لأنه أشبه الحرف فى الوضع فى كونه على حرف واحد، وكذلك «نا» اسم؛ لأنها مفعول، وهو مبنى؛ لشبهه بالحرف فى الوضع فى كونه على حرفين(١).
  (والثانى) شبه الاسم له فى المعنى، وهو قسمان: أحدهما ما أشبه حرفا موجودا، والثانى ما أشبه حرفا غير موجود؛ فمثال الأول «متى» فإنها مبنية لشبهها
(١) الأصل فى وضع الحرف أن يكون على حرف هجاء واحد كباء الجر ولامه وكافه وفاء العطف وواوه وألف الاستفهام وما شاكل ذلك، أو على حرفى هجاء ثانيهما لين كلا وما النافيتين، والأصل فى وضع الاسم أن يكون على ثلاثة أحرف فصاعدا كما لا يحصى من الأسماء، فما زاد من حروف المعانى على حرفين من حروف الهجاء مثل إن وليت وإلا وثم ولعل ولكن فهو خارج عن الأصل فى نوعه، وما نقص من الأسماء عن ثلاثة الأحرف كتاء الفاعل ونا وأكثر الضمائر فهو خارج عن الأصل فى نوعه، وما خرج من الحروف عن الأصل فى نوعه قد أشبه الأسماء، وما خرج من الأسماء عن الأصل فى نوعه أشبه الحروف، وكلا الشبهين راجع إلى الوضع، وكان ذلك يقتضى أن يأخذ المشبه حكم المشبه به فى الموضعين، إلا أنهم أعطوا الاسم الذى يشبه الحرف حكم الحرف وهو البناء، ولم يعطوا الحرف الذى أشبه الاسم حكم الاسم وهو الإعراب لسببين، أولهما أن الحرف حين أشبه الاسم قد أشبهه فى شئ لا يخصه وحده، فإن الأصل فى وضع الفعل أيضا أن يكون على ثلاثة أحرف، بخلاف الاسم الذى قد أشبه الحرف؛ فإنه قد أشبهه فى شئ يخصه ولا يتجاوزه إلى نوع آخر من أنواع الكلمة، والسبب الثانى: أن الحرف لا يحتاج فى حالة ما إلى الإعراب؛ لأن الإعراب إنما يحتاج إليه من أنواع الكلمة ما يقع فى مواقع متعددة من التراكيب بحيث لا يتميز بعضها عن بعض بغير الإعراب، والحرف لا يقع فى هذه المواقع المتعددة، فلم يكن ثمة ما يدعو إلى أن يأخذ حكم الاسم حين يشبهه، ومعنى هذا الكلام أن فى مشابهة الحرف للاسم قد وجد المقتضى ولكن لم ينتف المانع؛ فالمقتضى هو شبه الاسم، والمانع هو عدم توارد المعانى المختلفة عليه، وشرط تأثير المقتضى أن ينتفى المانع.