المعرب والمبنى من الافعال
  لما فرغ من بيان المعرب والمبنى من الأسماء شرع فى بيان المعرب والمبنى من الأفعال، ومذهب البصريين أن الإعراب أصل فى الأسماء، فرع فى الأفعال(١)؛ فالأصل فى الفعل البناء عندهم، وذهب الكوفيون إلى أن الإعراب أصل فى الأسماء وفى الأفعال، والأول هو الصحيح، ونقل ضياء الدين بن العلج فى البسيط أن بعض النحويين ذهب إلى أن الإعراب أصل فى الأفعال، فرع فى الأسماء.
  والمبنى من الأفعال ضربان:
= حروف زبد مثلا «فتن» فعل ماض مبنى للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
(١) لما كان الأصل عند البصريين فى الأسماء الإعراب فإن ما كان منها معربا لا يسأل عن علة إعرابه؛ لأن ما جاء على أصله لا يسأل عن علته، وما جاء منها مبنيا يسأل عن علة بنائه، وقد تقدم للناظم والشارح بيان علة بناء الاسم، وأنها مشابهته للحرف؛ ولما كان الأصل فى الأفعال عندهم أيضا البناء فإن ما جاء منها مبنيا لا يسأل عن علة بنائه، وإنما يسأل عن علة إعراب ما أعرب منه وهو المضارع، وعلة إعراب الفعل المضارع عند البصريين أنه أشبه الاسم فى أن كل واحد منهما يتوارد عليه معان تركيبية لا يتضح التمييز بينها إلا بالإعراب، فأما المعانى التى تنوارد على الاسم فمثل الفاعلية والمفعولية والإضافة فى نحو قولك: ما أحسن زيد؛ فإنك لو رفعت زبدا لكان فاعلا وصار المراد نفى إحسانه، ولو نصبته لكان مفعولا به وصار المراد التعجب من حسنه، ولو جررته لكان مضافا إليه، وصار المراد الاستفهام عن أحسن أجزائه، وأما المعانى التى تتوارد على الفعل فمثل النهى عن الفعلين جميعا أو عن الأول منهما وحده أو عن فعلهما متصاحبين فى نحو قولك: لا تعن بالجفاء وتمدح عمرا، فإنك لو جزمت «تمدح» لكنت منهيا عنه استقلالا، وصار المراد أنه لا يجوز لك أن تعن بالجفاء ولا أن تمدح عمرا، ولو رفعت «تمدح» لكان مستأنفا غير داخل فى حكم النهى، وصار المراد أنك منهى عن الجفاء مأذون لك فى مدح عمرو، ولو نصبته لكان معمولا لأن المصدرية وصار المراد أنك منهى عن الجمع بين الجفاء ومدح عمرو، وأنك لو فعلت أيهما منفردا جاز.