شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

العطف على اسم ان بعد استيفاء خبرها. وقيل استيفائه

صفحة 376 - الجزء 1

  والثانى: الرفع نحو «إنّ زيدا قائم وعمرو» واختلف فيه⁣(⁣١)؛ فالمشهور أنه معطوف على محلّ اسم «إنّ» فإنه فى الأصل مرفوع لكونه مبتدأ، وهذا يشعر به [ظاهر] كلام المصنف، وذهب قوم إلى أنه مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: وعمرو كذلك، وهو الصحيح.

  فإن كان العطف قبل أن تستكمل «إنّ» - أى قبل أن تأخذ خبرها - تعيّن النصب عند جمهور النحويين؛ فتقول: إنّ زيدا وعمرا قائمان، وإنّك وزيدا ذاهبان، وأجاز بعضهم الرفع.


(١) مما لا يستطيع أن يجحده واحد من النحاة أنه قد ورد عن العرب - فى جملة صالحة من الشعر، وفى بعض النثر - وقوع الاسم المرفوع مسبوقا بالواو بعد اسم إن المنصوب وقبل خبرها، ومنه قول ضابئ بن الحارث البرجمى:

فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإنّى وقيّار بها لغريب

ومنه ما أنشده ثعلب، ولم يعزه إلى قائل معين:

خليلىّ هل طبّ فإنّى وأنتما ... - وإن لم تبوحا بالهوى - دنفان!

وقد ورد فى القرآن الكريم آيتان ظاهرهما كظاهر هذين البيتين؛ الأولى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ} والثانية قراءة بعضهم: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} برفع «ملائكته».

وقد اختلف النحاة فى تخريج ذلك؛ فذهب الكسائى إلى أن الاسم المرفوع معطوف على اسم إن باعتباره مبتدأ قبل دخول إن، وذهب الجمهور من البصريين إلى أن هذا الاسم المرفوع مبتدأ خبره محذوف، أو خبره المذكور فيما بعد وخبر إن هو المحذوف وجملة المبتدأ وخبره معطوفة على جملة إن واسمها وخبرها، وذهب المحقق الرضى إلى أن جملة المبتدأ والخبر حينئذ لا محل لها معترضة بين اسم إن وخبرها، وهو حسن؛ لما يلزم على جعلها معطوفة على جملة إن واسمها وخبرها من تقديم المعطوف على بعض المعطوف عليه؛ لأن خبر إن متأخر فى اللفظ أو فى التقدير عن جملة المبتدأ والخبر، وخبر إن جزء من الجملة المعطوف عليها.