شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

إذا حذف الفاعل قام المفعول مقامه، واخذ احكامه

صفحة 499 - الجزء 1

  النّائب عن الفاعل

  ينوب مفعول به عن فاعل ... فيما له، كنيل خير نائل⁣(⁣١)

  يحذف الفاعل ويقام المفعول به مقامه، فيعطى ما كان للفاعل: من لزوم الرفع، ووجوب التأخّر عن رافعه، وعدم جواز حذفه⁣(⁣٢)، وذلك نحو «نيل خير نائل»


(١) «ينوب» فعل مضارع «مفعول» فاعل ينوب «به» جار ومجرور متعلق بمفعول «عن فاعل» جار ومجرور متعلق بينوب أيضا «فيما» مثله، وما اسم موصول «له» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «كنيل» الكاف جارة لقول محذوف، نيل: فعل ماض مبنى للمجهول «خير نائل» نائب فاعل، ومضاف إليه.

(٢) الأغراض التى تدعو المتكلم إلى حذف الفاعل كثيرة جدا، ولكنها - على كثرتها - لا تخلو من أن سببها إما أن يكون شيئا لفظيا أو معنويا.

فأما الأسباب اللفظية فكثيرة: منها القصد إلى الإيجاز فى العبارة نحو قوله تعالى: {فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} ومنها المحافظة على السجع فى الكلام المنثور نحو قولهم: من طابت سريرته حمدت سيرته؛ إذ لو قيل «حمد الناس سيرته» لاختلف إعراب الفاصلتين، ومنها المحافظة على الوزن فى الكلام المنظوم، كما فى قول الأعشى ميمون ابن قيس:

علّقتها عرضا، وعلّقت رجلا ... غيرى، وعلّق أخرى غيرها الرّجل

فأنت ترى الأعشى قد بنى «علق» فى هذا البيت ثلاث مرات للمجهول؛ لأنه لو ذكر الفاعل فى كل مرة منها أو فى بعضها لما استقام له وزن البيت، والتعليق ههنا: المحبة، وعرضا: أى من غير قصد منى، ولكن عرضت لى فهويتها.

وأما الأسباب المعنوية فكثيرة: منها كون الفاعل معلوما للمخاطب حتى لا يحتاج إلى ذكره له، وذلك نحو قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} ومنها كونه مجهولا للمتكلم فهو لا يستطيع تعيينه للمخاطب وليس فى ذكره بوصف مفهوم من الفعل فائدة وذلك كما تقول: سرق متاعى؛ لأنك لا تعرف ذات السارق، وليس فى قولك «سرق اللص متاعى» فائدة زائدة فى الإفهام على قولك «سرق متاعى» ومنها رغبة المتكلم