شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

قد تقع الحال مصدرا منكرا

صفحة 638 - الجزء 1

  ومنه قوله تعالى⁣(⁣١): {وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ} فـ «لها كتاب» جملة فى موضع الحال من «قرية»، وصحّ مجئ الحال من النكرة لتقدّم النفى عليها، ولا يصح كون الجملة صفة لقرية، خلافا للزمخشرى؛ لأن الواو لا تفصل بين الصفة والموصوف، وأيضا وجود «إلّا» مانع من ذلك؛ إذ لا يعترض بـ «إلّا» بين الصفة والموصوف، وممن صرّح بمنع ذلك: أبو الحسن الأخفش فى المسائل، وأبو على الفارسى فى التذكرة.

  ومثال ما وقع بعد الاستفهام قوله:

  ١٨٥ - يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى ... لنفسك العذر فى إبعادها الأملا؟


= الشاهد فيه: قوله «واقيا» و «باقيا» حيث وقع كل منهما حالا من النكرة، وهى «حمى» بالنسبة لـ «واقيا» و «أحد» بالنسبة لـ «باقيا» والذى سوغ ذلك أن النكرة مسبوقة بالنفى فى الموضعين.

وإنما يكون الاستشهاد بقوله باقيا إذا جعلنا «ترى» بصرية؛ لأنها تحتاج حينئذ إلى مفعول واحد، وقد استوفته؛ فالمنصوب الآخر يكون حالا، أما إذا جعلت «ترى» علمية فإن قوله «باقيا» يكون مفعولا ثانيا، كما بيناه فى الإعراب.

(١) انظر ما كتبناه عن هذه الآية فى ص ٦٣٣.

١٨٥ - أكثر ما قيل فى نسبة هذا البيت إنه لرجل من طيئ، ولم يعينه أحد ممن استشهد بالبيت أو تكلم عليه.

اللغة: «صاح» أصله صاحبى، فرخم بحذف آخره ترخيما غير قياسى؛ إذ هو فى غير علم، وقياس الترخيم أن يكون فى الأعلام، وهو أيضا مركب إضافى «هل حم عيش» (انظر ص ٦٠٢ و ٦٣٧) والاستفهام ههنا إنكارى بمعنى النفى؛ فكأنه قال: ما قدر الله عيشا باقيا «العذر» هو كل ما تذكره لتقطع عنك ألسنة العتاب واللوم.

الإعراب: «يا» حرف نداء «صاح» منادى مرخم «هل» حرف استفهام