شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

تأتي من والباء بمعنى بدل

صفحة 18 - الجزء 2

  تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ولا تجرّ غيرهما؛ فلا تقول: «سرت البارحة حتّى نصف اللّيل». واستعمال اللام للانتهاء قليل، ومنه قوله تعالى: {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}

  ويستعمل «من» والباء، بمعنى «بدل»؛ فمن استعمال «من» بمعنى «بدل» قوله ø: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ} [أى: بدل الآخرة] وقوله تعالى: {وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} أى: بدلكم، وقول الشاعر:

  ٢٠٦ - جارية لم تأكل المرقّقا ... ولم تذق من البقول الفستقا


= آخرا قولهم: أكلت السمكة حتى رأسها، واعلم أن «حتى» الجارة على ضربين: جارة للمفرد الصريح، وهذه هى التى لا تجر إلا الآخر أو المتصل بالآخر، ولا تكون إلا غاثية، وجارة لأن المصدرية ومدخولها، وهذه تكون غاثية، وتكون تعليلية، وتكون استثنائية.

(٢٠٦) البيت لأبى نخيلة - يعمر بن حزن - السعدى.

اللغة: «جارية» هى - فى الأصل - الفتاة الشابة. ثم توسع فيه فاستعملوه فى كل أمة «المرققا» على صيغة اسم المفعول - الرغيف الرقيق الواسع «البقول» جمع بقل، وهو كل نبات اخضرت به الأرض «الفستقا» نقل خاص معروف.

المعنى: يريد أن هذه الجارية بدوية لا عهد لها بالنعيم، ولم تستمرئ طعم الرفه، فهى تأكل يابس العيش، لا الرغفان الرقيقة الواسعة المستديرة، وتذوق من البقول ما يأكله البدو عادة، لا الفستق ونحوه مما هو طعام أهل الحضارة والرفاهية.

الإعراب: «جارية» خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هى جارية، أو نحوه «لم» نافية جازمة «تأكل» فعل مضارع مجزوم بلم، وحرك بالكسرة تخلصا من التقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على جارية «المرفقا» مفعول به لتأكل، والألف للاطلاق «لم» نافية جازمة «تذق» فعل مضارع مجزوم