قد يحذف كل من الفاء والواو مع معطوفة
  قد تحذف الفاء مع معطوفها للدلالة، ومنه قوله تعالى: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أى: فأفطر فعليه عدّة من أيام أخر، فحذف «أفطر» والفاء الداخلة عليه، وكذلك الواو، ومنه قولهم: «راكب النّاقة طليحان» أى: راكب النّاقة والنّاقة طليحان.
  وانفردت الواو - من بين حروف العطف - بأنها تعطف عاملا محذوفا بقى معموله، ومنه قوله:
  ٢٩٩ - إذا ما الغانيات برزن يوما ... وزجّجن الحواجب والعيونا
٢٩٩ - هذا البيت للراعى النميرى، واسمه عبيد بن حصين.
اللغة: «الغانيات» جمع غانية، وهى المرأة الجميلة، سميت بذلك لاستغنائها بجمالها عن الحلى ونحوه، وقيل: لاستغنائها ببيت أبيها عن أن تزف إلى الأزواج «برزن» ظهرن «زحجن الحواجب» دققنها وأطلنها ورققنها بأخذ الشعر من أطرافها حتى تصير مقرسة حسنة.
الإعراب: «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «ما» زائدة «الغانيات» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، وجملة الفعل المحذوف مع فاعله فى محل جر بإضافة إذا إليها «برزن» برز: فعل ماض، ونون النسوة فاعل، والجملة لا محل لها مفسرة «يوما» ظرف زمان منصوب ببرزن «وزججن» فعل وفاعل، والجملة معطوفة بالواو على جملة برزن يوما «الحواجب» مفعول به لزجج «والعيونا» معطوف عليه بالتوسع فى معنى العامل، أو مفعول لفعل محذوف يتناسب معه، أى: وكحلن العيون، ونحوه، وستعرف تفصيل هذين التوجيهين.
الشاهد فيه: قوله «وزججن الحواجب والعيونا» حيث عطف الشاعر بالواو عاملا محذوفا قد بقى معموله، فأما العامل المحذوف فهو الذى قدرناه فى الإعراب بقولنا «وكحلن»، وأما المعمول الباقى فهو قوله: «والعيونا» عطفته الواو على عامل مذكور فى الكلام، وهو قوله «زججن» وهذا العامل المذكور الذى هو زججن لا يصلح للتسليط على المعطوف مع بقاء معناه على أصله.