الإرهاصات المبشرة بالإمام المنصور بالله
  والذي سَنَّى لهذه الدويلات التكاثر والتفرق هو خمود صوت الإمامة الزيدية في اليمن، فمن سنة (٥٦٦) هـ، العام الذي توفي فيه الإمام أحمد بن سليمان # إلى سنة (٥٨٣) هـ، العام الذي فيه كانت دعوة الإمام المنصور بالله للإحتساب، لم يظهر إمام يضبط الأمور، ويقود الجمهور.
الإرهاصات المبشرة بالإمام المنصور بالله
  الإمام المنصور بالله # كانت تلوح في جبينه مخائل الإمامة، وتظهر على وجهه ملامح الزعامة، فالأمة بحاجة إلى قائد يقودها، ويطهر بالسيف أوزارها، ولقد كانت الإرهاصات والتفاؤلات تشير إلى أن الفتى الذي فاق أقرانه هو الذي سيصير إمام الأمة، ومن تلك الإرهاصات ما يلي:
  أولاً: ما حكاه مؤلفو سيرته من أنه لما ولد #: ازداد ضوء الصباح، وعلا علواً جاوز المعتاد، حتى بلغ دوين السقف، واستقام على ذلك(١).
  ثانياً: أن والده حمزة بن سليمان # رأى أنه ظهر منه نورٌ ملأ الأرض كلها فعبره على جدة له شريفة فاضلة اسمها سيدة بنت عبد الله القاسمي وكانت مؤمنة تقية حافظة للقرآن، فقالت: أكتمه، فقد قيل إنه لا بد أن يظهر منك أو من أبيك المنصورُ، أو من يدل عليه. ثم عبر رؤياه على رجل من أهل صنعاء، وهو يتعجب منها، فلما استكملها قال: أبشر يا حمزة بإمام من ذريتك(٢).
  ثالثاً: ما روي أنه أتى قوم من بني صريم إلى حَمزة بن سليمان يطلبون منه القيام والمدافعة عنهم من علي بن حاتم بن أحمد اليامي لما ملك أرضهم فقال: لا فرج لكم على يدي؛ وإنما فرجكم على يدي هذا الصبي(٣)، وغير ذلك من الإرهاصات والإشارات الهادية المبينة لفضل الإمام المنصور بالله #.
الأخبار الدالة على فضل الإمام #
  مع ما روي من الآثار والملاحم التي تبشر بالإمام #، وتشرح حال الزمن الذي يعيش فيه، ولنذكر بعضاً منها ليدل على ما سواه.
  فمن ذلك: ما روي عن النبي ÷ أنه قال لفاطمة &: «يا فاطمة، منك الهادي والمهدي والمنصور»(٤).
(١) الدر المنثور - خ -، الحدائق الوردية (٢/ ٢٤٨)، التحفة العنبرية - خ -، الترجمان - خ -، اللآلئ المضيئة - خ -، وغيرها.
(٢) نفس المصادر.
(٣) نفس المصادر.
(٤) رواه القاضي عبد الله بن زيد العنسي في الإرشاد، وفي الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة.