البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 112 - الجزء 1

  من الحمل وإنما توجيه الوعيد إلى من كتم ذلك لأمرين أحدهما: لما يستحقه الخروج من الرجعة والآخر لإلحاق نسب الولد بغيره كما يعمل أهل الجاهلية.

  ثم قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} أي برجعهن، وهذا في الطلاق الرجعي دون البائن إن أرادا إصلاح ما بينهما من الطلاق ثم قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي من جنس المحبة والعشرة بالجميل والمعروف على أزواجهن {مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} من الطاعة فيما أوجبه الله عليهن لأزواجهن وترك الأزواج المضارة لهن؛ ثم قال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} أي منزلة فيما خصهم الله ø به من الجهاد والميراث.

  قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فيه بيان لعدة الطلاق وتفسيره بالثلاث وأنه يتملك الرجعة بالاثنتين ولا يملكها بالثالثة وذلك بيان لسنة الطلاق وأن يوقع في كل قرء طلقة، وروينا عن رسول الله ÷ أنه جاءه رجل فقال: الطلاق مرتان فأين الثالثة قال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} والإحسان هو تأدية حقها وكف الأذى عنها.

  قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} والخوف هنا بمعنى الظن كما قال الشاعر:

  وما خفت يا سلاّم أنك عاتبي

  يعني ما ظننت. والذي يخافا أن لا يقيما حدود الله هو أن يظهر من المرأة النشوز وسوء الخلق وأن لا تطيع له أمراً ولا تبر له يميناً وتبدي الكراهة له من نفسها ويضارها الزوج على فعلها فلا يقيم كل واحد ما أوجب الله ø له على صاحبه.

  ثم قال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا