البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 113 - الجزء 1

  افْتَدَتْ بِهِ} نفسها من الصداق وحده من غير زيادة.

  قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} يعني المطلقة الثالثة لا تحل للزوج المطلق حتى تنكح زوجاً غيره ثم نكاح الثاني يحللها الأول بعد دخول الثاني بها ويذوق عسيلتها وتذوق عسيلته للخبر.

  قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} معنى قوله {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي قاربن انقضاء عدتهن كما يقول المسافر قد بلغت بلد كذا إذا قاربه {فَأَمْسِكُوهُنَّ} هو المراجعة قبل انقضاء العدة {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} هو تركها حتى تنقضي العدة {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} وهو أن يراجع كلما طلق حتى تطول عدتها إضراراً بها، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} يعني في قصد الإضرار وإن صحت الرجعة والطلاق {وَلَا تَتَّخِذُوا ءَايَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} روينا عن أمير المؤمنين علي # أنه قال: كان الناس على عهد رسول الله ÷ يطلق الرجل منهم أو يعتق فيقال له ما صنعت فيقول: كنت لاغياً فقال رسول الله ÷: «من طلق لاغياً أو أعتق لاغياً فقد جاز عليه» وفيه نزلت: {وَلَا تَتَّخِذُوا ءَايَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} وقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}، معنى قوله: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} الأجل هاهنا انقضاء العدة بخلاف بلوغه في الآية قبلها لأنه لا يجوز لها أن تنكح غيره قبل انقضاء عدتها فدل اختلاف الكلامين على اختلاف البلوغين.

  ثم قال: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} والعضل المنع ومنه قيل: داء عضال إذا امتنع من أن يتداوى وكذلك: فلان عضلة أي داهية وقال أوس بن حجر:

  وليس أخوك الدائم العهد بالذي ... يذمك إن ولَّى ويرضيك مقبلاً