البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 163 - الجزء 1

  قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ومعنى الكلام وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى أي أن لا تعدلوا في نكاح اليتامى فانكحوا ما يحل لكم من غيرهن من النساء وقيل إن سبب نزولها أن قريشاً كانوا في الجاهلية يكثروا التزويج بغير عدد محصور وإذا كثر على الواحد مؤن زوجاته وقل ماله مد يده إلى ما عنده من أموال اليتامى فأنزل الله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} تقديراً لعددهن وحصراً لمن أبيح نكاحهن ويحتمل فانكحوا من النساء ما حل قوله مثنى وثلاث ورباع معدول عن اثنتين وثلاث وأربع كما يقال آحاد وموحد وثني ومثنى وثلاث ومثلث ورباع ومربع وهو اسم للعدد جاء الشعر به متفرقاً قال تميم بن مقبل:

  قتلنا به من بين مثنى وموحد ... بأربعة منكم وآخر خامسا

  {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا} في الأربع {فَوَاحِدَةً} يعني من النساء {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يعني من الإماء {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ٣} أي أن لا تميلوا عن الحق وتجوروا وأصل العول الخروج عن الحق ومنه عول الفرائض لخروجها عن حد السهام المسماة، وأنشد عكرمة شعراً لأبي طالب:

  أي غير مائل. ... وميراث صدق وزنه غير عائل

  قوله تعالى: {وَءَاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} وهذا خطاب توجه إلى