البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 178 - الجزء 1

  لاختصاصها بالتفرق كما يقال تكلم فوك ومشت قدمك {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ٣٦} المختال من كان ذا خيلاء مفيعل من قولك: خال الرجل يخول خالاً وخولاً قال الشاعر:


  والخال ثوب من نبات الجبال والفخور المفتخر على عباد الله بما أنعم عليه من آلاء الله وبسط عليهم من رزقه.

  قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} قيل إن هذه الآية نزلت في اليهود بخلوا بما عندهم في التوراة من نبوة محمد ÷ وكتموه وأمروا الناس بكتمانه {وَيَكْتُمُونَ مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} من نبوة محمد ÷.

  وتحتمل الآية وجهاً آخر وهو أنهم يبخلون بالإنفاق في طاعة الله ø ويأمرون الناس بمثل ذلك، والبخل هو أن يبخل الإنسان بما في يده، والشح أن يشح على ما في أيدي الناس يحب أن يكون له.

  قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} نزلت في المنافقين {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ٣٨} القرين هو الصاحب الموافق كما قال عدي بن زيد:

  عن المرء لا تسأل وسل عن⁣(⁣١) قرينه ... فإن قرين بالمقارن مقتدي

  وأصل القرين الاقتران والقرن بالكسر المناسب لاقترانه بالصفة والقرن أهل العصر لاقترانهم في الزمان أي أنه مقارن للشيطان في فعله.

  قوله تعالى: {.. إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} والمثقال الثقل وهو


(١) نخ: وانظر.