البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 25 - الجزء 1

  قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢}: يعني به هدى من الضلالة، والمتقون هم الذين اتقوا ما حرم الله عليهم وأدوا ما افترض الله عليهم، وفي أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين واثنتان في نعت الكافرين وثلاث عشرة في نعت المنافقين. وفي المتقين وجه آخر: وهو أنهم الذين يخشون عقوبة الله سبحانه ويرجون رحمته.

  وقوله ø: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}: أصل الإيمان من الأمان وإنما سمي المؤمن مؤمناً لأنه يؤمن نفسه بالطاعة من عقاب الله تعالى، وحقيقة الإيمان عندنا: هو العقد بالجَنَان والإقرار باللسان والعمل بالأركان.

  وأما تفسير الغيب فهو تصديقهم لما غاب عنهم بما وعد الله سبحانه أهل طاعته من الدرجات وأوعد أهل معصيته من الدركات، وكالبعث والنشور والوقوف والحساب وسائر أهوال يوم القيامة.

  قوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}: فيه تأويلان أحدهما: أداؤها بفروضها. والثاني: إقامة أركانها من الركوع والسجود والقراءة، وإنما سمي فعل الصلاة إقامة لها وهي من تمام⁣(⁣١) الشيء يقال: قام فلان بالأمر إذا أتمه ويجوز أن يقال: إقامة لها لما فيها من القيام كما يقال: قد قامت الصلاة.

  قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣}: أصل الإنفاق الإخراج ومنه قوله: نفقت الدابة إذا خرج روحها وسمي النافقا لجحر اليربوع لخروجها منه ومنه سمي المنافق لأنه يخرج من الدين ويظهر خلاف ما يبطن فالوجه أنها محكمة إذا أريد بها نفقة الرجل على عياله وأهله وماله، وإن حملت على


(١) نخ (ح): وهي من يقوم الشيء. ونخ (هـ): وهي من تقويم الشيء. والكلمة التي أثبتها وجدتها في نخ (هـ) تحت علامة الظن وهي الموافقة للكلام والله أعلم.