البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 26 - الجزء 1

  الإنفاق في وجوه المبار والمصالح كانت منسوخة بآية الزكاة⁣(⁣١).

  قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ٤}: أما قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} يعني القرآن، {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} معناه التوراة والإنجيل مدحهم الله تعالى على تصديقهم بكتب الأنبياء $ بخلاف ما فعلت اليهود والنصارى حيث آمنت بالبعض وكفرت بالبعض.

  وقوله: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} يعني بالدار الآخرة ويجوز بالنشأة الآخرة، وفي تسميتها بالدار الآخرة لأنها متأخرة عن الدنيا والدار الأولى. قوله: {يُوقِنُونَ} أي يعلمون فسمى العلم يقيناً.

  وقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ}: أي على بيان ورشد. وقوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٥} والمفلحون هم الفائزون السعداء، ومنه قول لبيد:

  لو أن حياً مدركاً لفلاح ... أدركه ملاعب الرماح

  وهم الذين قطع لهم بالخير لأن الفلاح في كلام العرب القطع وقيل للأكّار فلاّح لأنه يشق الأرض وقد قال الشاعر:

  لقد علمت يا ابن أم ضحضح ... أن الحديد بالحديد يفلح

  والمراد بهذه الآية المؤمنون بالغيب من العرب والمؤمنون بما أنزل على محمد ÷ وعلى من قبله من الأنبياء من غير العرب.

  قوله ø: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ


(١) الأولى أنها مجملة تبينها آية الزكاة. تمت من هامش نخ (هـ).