البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 272 - الجزء 1

  والحكم بالعدل تشبيهاً بالميزان الذي لا يحيف {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} أي من قضي له بالطاعة وكثرت حسناته {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٨} أي الفائزون وبضدها إذا خفت.

  قوله تعالى: {.. وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} أي خلقناكم نطفاً في أصلاب الرجال وترائب النساء ثم صورناكم عند اجتماع النطف في الأرحام {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ}.

  فإن قيل: فالسجود عبادة لا تجوز إلا لله تعالى فكيف أمر به لآدم؟ فالجواب: أن أمرهم له تكرمة وهو لله سبحانه عبادة.

  فإن قيل: فالأمر بالسجود لآدم قبل تصوير ذريته فكيف قال: ثم صورناكم؟ فالجواب: أن في الكلام تقديماً وتأخيراً وتقديره ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ثم صورناكم.

  قوله تعالى: {.. قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا} أي من جملة المطيعين من الجن {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} أي تبدي الكبر فيها، وهذا القول من الله سبحانه وتعالى لإبليس على أبغض الملائكة إليه.

  قوله تعالى: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٤} ومعنى ذلك أنه سأل الإنظار بالعقوبة إلى يوم البعث وهو يوم القيامة وهذا الإنظار إنما كان سأله ابتداء منه لا إجابة له لأن العاصي لا يستحق إجابة دعاءه لما في ذلك من التكرمة وهو لا يستاهلها.

  قوله تعالى: {.. قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ١٦} أي فبإغوائك لي لأقعدن لهم صراطك المستقيم أي أضلهم عن دينك وطاعتك وأميل بهم عن أوامرك وإنما فعاله في ذلك فيمن يجانسه من الجن فأما الإنس فلهم أبالسة وشياطين من جنسهم من الإنس يغوونهم ويضلونهم والإغواء في اللغة على ثلاثة وجوه أحدها بمعنى