البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 273 - الجزء 1

  أضليتني، والثاني: بمعنى خيبتني من جنتك شعراً:

  مقطعة الأشياء ليس فصلتها ... تراباً بها داراً ولا ميتاً غوا

  ثم {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ١٦} أي تصدى لهم عن الحق {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} أي أشككهم في أخرتهم {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} أرغبهم في الدنيا {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} أي من قبل حسناتهم فأردهم عنها وأحول بينهم وبينها {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} أي من قبل سيئاتهم وهذا من فعل شياطين الجن والإنس في الإغواء والكيد يأتوا من كل الجهات التي يمكن الاحتيال عليهم منها.

  قوله تعالى: {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ١٧} أي شاكرين لنعمك مقيمين على طاعتك فإن قيل: كيف علم إبليس ذلك؟ فيه جوابان أحدهما: أنه ظن ذلك فصدق ظنه كما قال ø: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ}⁣[سبأ: ٢٠]، والثاني: انه يجوز أن يكون حصل له علم ذلك من قبل الملائكة {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا} أي من الطاعة على وجه التهديد {مَذْءُومًا مَدْحُورًا} أي ملوماً ومدحوراً مطروداً مدفوعاً.

  قوله تعالى: {وَيَا ءَادَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} أي حواء {فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا} أي من حيث شئتم من الجنة كلها ومن ثمارها {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} قد مضى الكلام فيها.

  فإن قيل: ما وجه نهيهما عن ذلك مع كمال معرفتهما؟ قيل: للمصلحةفي استدامة المعرفة والابتلاء بما يجب فيه الجزاء.

  قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} الوسوسة فهو إخفاء الصوت بالدعاء يقال وسوس لهما إذا أوهمه النصيحة ووسوس إليه إذا ألقى إليه