البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة براءة مدنية

صفحة 314 - الجزء 1

  له عهد من رسول الله ÷ جعل له أمان خمسين ليلة من يوم النحر إلى سلخ المحرم لقوله: {... فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وأول مدة الأشهر الحرم يوم الحج وهو يوم النحر وآخرها انقضاء العاشر من ربيع الآخر.

  وقوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} والأذان هو النداء بالأمن الذي يسمع بالأذان وهو الإعلام يقال: آذنته بالصلاة أي أعلمته، والحج الأكبر هو يوم النحر لما روينا أن رسول الله ÷ خطب يوم النحر على ناقته العضبا وقال: «أتدرون أي يوم هذا؟ هذا يوم النحر وهذا يوم الحج الأكبر» ويجوز أن يعبر عن أيام الحج باليوم كما يقال: هذا يوم الجمل ويوم صفين أي أيامه كلها، وسمي الحج الأكبر لاجتماع المسلمين والمشركين في الحج وواقع أيضاً عيد اليهود والنصارى.

  قوله تعالى: {... فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} والأشهر الحرم أربعة ثلاثة سرد وواحد فرد فالثلاثة السرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم والفرد رجب، وفي هذا الموضع أراد الأشهر التي جعلها الله أن يسيحوا فيها آمنين وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر.

  قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} يعني وإن أحد من المشركين استأمنك فآمنه، وقوله: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} أي القرآن ليهتدي من ضلاله ويرجع من كفره {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} يعني إن أقام على الشرك وانقضت مدة الأمان {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ٦} أي الرشد من الغي واستباحة ذراريهم ودمائهم وأهاليهم عند انقضاء مدة أمانهم.

  قوله تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ} المراد إذا حذروا