البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة براءة مدنية

صفحة 315 - الجزء 1

  وقاتلوا فليس لهم عهد {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} يعني خزاعة وقريشاً {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} يعني فما أقاموا على الوفاء بالعهد فأقيموا لهم عليه وهذا يدل على أنهم إن نقضوا العهد سقط أمانهم وحلت دماؤهم.

  {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} يعني بقوة حتى يقدروا على الظفر بكم {لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} والإل العهد وقد يكون بمعنى اليمين كما قال ابن مقبل:

  أفسد الناس حلوف حلفوا ... قطعوا الإل وأعراف الرحم

  والإل قد يكون بمعنى القرابة كما قال حسان:

  فأقسم إن إلك من قريش ... كإل السقب من ذاك النعام

  والذمة العقد والمذامة {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} أي يرضونكم بأفواههم القراءة بأفواههم في الوفاء وتأبى قلوبهم إلا الغدر ويحتمل يرضونكم بأفواههم بالطاعة وتأبى قلوبهم إلا المعصية.

  و {اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} آيات الله حججه ودلائله والثمن القليل ما جعلوه بدلاً، وهذه الآية عامة فيمن أنكر نبوة رسول الله ÷ وصد الناس عن الإيمان بما جاء به والإقرار بنبوته.

  قوله تعالى: {... وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} أي نقضوا عهدهم الذي نقضوه بأيمانهم {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ} وهو إظهار الفساد فيه {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} وأئمة الكفر زعماؤهم كأبي سفيان وأبي جهل {إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} بفتح الألف وجمع اليمين لأنهم ينقضونها وقرئ