البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يونس #

صفحة 345 - الجزء 1

  فمن أجابك دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل ما فيها وذلك قوله: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}.

  قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} أي للذين عملوا الصالحات الحسنى الجنة والمكأفاة عليها بالحسنة إلى عشر أمثالها وذلك معنى قوله: {وَزِيَادَةٌ}. {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ} أي يلحق ومنه غلام مراهق إذا لحق بالرجال والقتر سواد يعتري الوجه عند حزن شديد وأصل القتر الغبار قال الشاعر:

  متتوج برداء الملك يتبعه ... موج ترى فوقه الرايات والقترا

  قوله تعالى: {... هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} بما يعجز تبينه ومعناه تتبع قال الشاعر:

  إن المريب يتبع المريبا ... كما رائب الذيب يتلو الذئبا

  أي يتبع كل جزاء عمله من حسنة وسيئة وقرئ (تبلو) بالتاء أي تختبر {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} أي مالكهم ووصف نفسه بالحق لأن الحق منه كما وصف نفسه بالعدل لأن العدل منه.

  فإن قيل: فقد قال: {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ١١}⁣[محمد]، فكيف هاهنا صار لهم مولى؟ قيل: ليس لهم مولى بالنصرة والمعونة وهو مولى لهم بالملكية {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٣٠} أي ويضل عنهم ما كانوا يكذبون.

  قوله تعالى: {... وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْءَانُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} يعني أن يختلق ويكذب {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} أي أن القرآن شاهد