سورة يوسف #
  المراعاة لهما فذلك سبب حسدهم لهما وكان شديد الحب ليوسف وكان الحسد له أكثر ثم رأى الرؤيا فكان الحسد له أشد {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} والعصبة الجماعة قيل إنها من عشرة إلى أربعين، وقيل من عشرة إلى خمسة عشر {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٨} أي في خطأ من رأيه وجور من فعله وإنما جعلوه في ضلال مبين لأنه فضل الصغير على الكبير والقليل على الكثير ومن لا يراعى ماله على من يراعيه.
  قال الإمام الناصر لدين الله #: الذي صح عندنا أن أولاد يعقوب لم يكونوا بالغين لأنه قال: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} وإنما طلبوا الاستغفار من أبيهم بعد البلوغ.
  قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا} لتأكله السباع أو يبعد عن أبيه {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ٩} يعني بذلك صلاح الدنيا واستقامة الأحوال {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ} قيل إن القائل رونابيل وهو أكبر إخوة يوسف وابن خالته {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ} يعني قعر البئر وأسفله، وفي تسميته غيابة الجب وجهان أحدهما: لأنه يغيب فيه خبره، والثاني: لأنه يغيب فيه أثره قال الشاعر وهو ابن أحمر:
  فقلت البنا شهرين أو نصف ثالث ... إلى ذاك ما قد غيبتني غيابيا
  وفي الجب قولان؛ أحدهما: اسم بئر في بيت المقدس. الثاني: أنه اسم بئر غير معينة وإنما يختص بنوع من الآبار قال الأعشى:
  لئن كنت في جب ثمانين قامة ... ورقيت أسباب السماء بسلم