البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يوسف #

صفحة 372 - الجزء 1

  وفي تسمية الجب قولان أحدهما: هو ما عظم من الآبار سواء كان فيه ماء أو لم يكن والثاني أن يكون ما لا طي له من الآبار {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ١٠} معنى يلتقطه يأخذه ومنه اللقطة لأنه الضالة المأخوذ والسيارة المسافرون سموا بذلك لأنهم يسيرون.

  قوله تعالى: {.. أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} أي يسعى ويلعب ويلهو وقيل معنى يرتع يطعم مأخوذ من الرتعة وهي سعة المطعم والمشرب قال الفرزدق:

  وبعد عطائك المائة الرتاعا

  أي الراتعة بكثرة الماء والمرعى وهذا يدل على أنهم لم يكونوا قد بلغوا لأنه لو كان بلوغاً لأنكر عليهم يعقوب.

  {... وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} أي ألهمناه كما قال: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}⁣[القصص: ٧]، {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ١٥} بوحي الله ø إليه وما يؤول إليه أمره.

  قوله تعالى: {قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} وهو تفعيل من السبق ويحتمل وجهين أحدهما: ننتضل من السباق في الرمي، والثاني: أنهم أرادوا السبق بالسعي على أقدامهم {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا} يحتمل أن يعنوا بتركه إظهار الشفقة عليه ويحتمل أن يكون المراد به حفظ رحالهم وأمتعتهم {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} لما سمعوا أباهم يقول: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} أخذوا ذلك من فيه فتجرموا به {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} أي بمصدق لنا {وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ١٧} فيه وجهان أحدهما: أنه لم يكن ذلك تشكيكاً لأبيهم في صدقهم وإنما عنوا ولو كنا أهل صدق ما صدقتنا.

  قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} قيل إنه كان دم سخلة