سورة يوسف #
  قوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ}[آل عمران: ١٧٤]، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٦٢} أي ليرجعوا.
  فإن قيل: فلم فعل يوسف ذلك؟ قيل: يحتمل أوجه خمسة أحدها: ترغيباً لهم ليرجعوا على ما صرح به. والثاني: أنه علم منهم أنهم لا يستحلون إمساكها وأنهم يرجعون لتعريفها. والثالث: ليعلموا أنه لم يكن طلبه لعودتهم طلباً في أموالهم. والرابع: أنه خشي أن لا يكون عند أبيه غيرها للقحط الذي نزل به. والخامس: تحرج أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمن قوتهم مع شدة حاجتهم.
  قوله تعالى: {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ} أي سيمنع منا الكيل إذا عدنا بغير أخينا لأن ملك مصر طلبه منا ليراه وليعرف صدقنا منه {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ} أي [إن] أرسلته معنا أمكننا أن نعود إليه فنكتال منه {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٦٣} ترغيباً له في إرساله معهم؛ فلم يثق منهم بذلك لما كان منهم في يوسف فقال: {هَلْ ءَامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} لأنهم ضمنوا له حفظ يوسف فأضاعوه فلم يثق بهم فيما ضمنوا {فَاللَّهُ خَيْرٌ حفظاً} وقرئ: حافظاً يعني منكم لأخيكم {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ٦٤} فيما نزل من حزني.
  قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ} أي وجدوا التي كانت بضاعتهم وهو ما دفعوه في ثمن الطعام الذي امتاروا {قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا} أي ما نبغي بعد هذا الذي عاملنا ويحتمل: ما نبغي بالكذب فيما أخبرناك به عن الملك {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} احتمل قولهم ذلك ترغيباً وتعريفاً {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} وهذا ترغيب محض {وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} وهو أيضاً ترغيب إلى نصيب أخينا لأن يوسف # قسط الطعام بين الناس فلا يعطي