البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يوسف #

صفحة 389 - الجزء 1

  الواحد أكثر من بعير {ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ٦٥} يعني الذي جئناك به كيل يسير لا ينفعنا، وهذا استعطاف منهم لأبيهم وفيه وفاء لما بذلوه ليوسف من مراودة أبيهم في اجتذاب أخيهم لأنهم قد راودوه من سائر جهات المراودة ترغيباً واستنزالاً واستعطافاً وتسهيلاً.

  قوله ø: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} والموثق حلفهم بالله وإشهادهم إياه على أنفسهم {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} يعني إلا أن تغلبوا على أمركم أو يهلك جمعكم.

  قوله تعالى: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} يعني لا تدخلوا مصراً من باب واحد من أبوابها {وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} وإنما خاف عليهم أن يدخلوا من باب واحد فخاف الملك أن يرى عددهم وقوتهم فيبطش بهم حسداً أو حذراً {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} أحذره عليكم.

  قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} أي لا يرد الحذر ما كان قد حكم الله ø به وحتمه {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} وهو حذر المشفق وسكون قلبه بالوصية.

  قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ ءَاوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} أي ضمه إليه وأنزله معه {قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ} أي أنه يوسف {فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٦٩} أي فلا تحزن بما كانوا يعملون أي بما فعلوه في الماضي بك وبأخيك.

  قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} وهو كيل الطعام لهم بعد إكرامهم وإعطاء بعيراً مثل ما أعطاهم {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}