البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة بني إسرائيل

صفحة 462 - الجزء 1

  قوله تعالى: {.. قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} روينا في الآثار أن ذكر الرحمن كان في القرآن قليلاً وهو في التوراة كثير فلما أسلم ناس من اليهود منهم ابن سلام وأصحابه ساءهم قلة ذكر الرحمن في القرآن وأحبوا أن يكون كثيراً فأنزل الله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}.

  وقيل: فيه وجه آخر وهو أن النبي ÷ كان ساجداً وهو يقول: «يا رحمن يا رحيم» فقال المشركون: هذا يزعم أن له إلهاً واحداً وهو يدعو مثنى مثنى فأنزل الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} ... الآية.

  {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ١١٠} وإنما نهى عن الجهر بالقراءة في جميع الصلوات وكذلك عن الإسرار وأمر أن يجهر بصلاة الليل ويسر بصلاة النهار {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} في هذا إبطال ما قذفه به المشركون من ولد {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} يعني واحد لا شريك له في عبادة ولا ملك {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} يعني اليهود والنصارى لأنهم أذل الناس {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ١١١} أي صفه بأنه أكبر الأشياء وأنه منزه عما لا يجوز عليه من صفات الخلق.