البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الكهف

صفحة 464 - الجزء 1

  قوله تعالى: {.. وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ٨} والجرز البلقع اليابسة التي لا نبات فيها ولا زرع، والصعيد الأرض المستوية قال الراجز:

  وقد حرقتهن السنون الأجارزا

  قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ ءَايَاتِنَا عَجَبًا ٩} أما الكهف فهو غار في الجبل يأوي إليه الناس. وأما الرقيم ففيه أقاويل أحدها أنه اسم الكتاب الذي كتب فيه صفاتهم وقيل: هو اسم جبل الكهف، وقيل: هو اسم لقريتهم، وقيل: هو اسم الوادي واسم ملكهم دقيانوس، وقيل: الكتب على لوح من رصاص وكان في خزائن الملوك لعجيب أمرهم.

  قوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} في سبب إيوائهم إلى الكهف قولان أحدهما: أنهم قوم فروا بدينهم إلى الكهف وقالوا: {رَبَّنَا ءَاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ١٠} والثاني: أنهم كانوا من أبناء الأشراف وعظماء الناس خرجوا من المدينة فاجتمعوا على غير موعد فقال أسنّهم إني أجد في نفسي شيئاً ما أظن أن أحداً يجده أن ربي رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً فقالوا جميعاً: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ١٤} والشطط الكذب والعلو.

  قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ١٢} والبعث إيقاظهم من رقدتهم، لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا: يعني غاية وأجلاً وأراد بالحزبين حزب المؤمنين وحزب الكفار.

  قوله ø: {.. لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} يعني بحجة بينة