سورة النور مكية
  وماله لأن مال العبد لسيده {أَوْ صَدِيقِكُمْ} ويأكل من منزل صديقه بشرط ما يأكل من منزل أبيه وأمه لأن الصديق في الله إذا صحت صداقته أنفع من الأبوين ألا ترى إلى الجهنميين لم يستغيثوا بالآباء والأمهات ولكن قالوا: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ١٠٠ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ١٠١}[الشعراء]، وهذا للأكل يصح بعد الاستئذان على ما ذكرناهم والطعام حاضر.
  ثم قال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} قيل إن هذه الآية نزلت في بني كنانة كان الرجل منهم يرى أن محرماً عليه أن يأكل في الجاهلية حتى أن الرجل ليسوق الذود الحقل وهو جائع حتى يجد من يواكله ويشاربه فأنزل الله تعالى فيهم ذلك وكانت العرب إذا نزل بهم ضيف تحرجوا أن يتركوه وحده حتى يأكلوا معه.
  قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} أي إذا دخلتم بيوت أنفسكم فسلموا على أهليكم وعيالكم، ويحتمل أن يكون إذا دخلتم بيوتاً أو مساجد فارغة فسلموا على أنفسكم فيقولون: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإذا سلم الواحد من الجماعة أجزى عن الجماعة ناب عن جميعهم ولا يسلم الرجال على النساء ولا النساء على الرجال بل الرجال يسلمون على الرجال والنساء يسلمن على النساء {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً} أي أن التحية بالسلام أمر من أوامر الله ø ثم قال: مباركة لما يرجو من قبول دعاء المجيب {طَيِّبَةً} تحتمل وجهين أحدهما: لما فيها من طيب العيش بالتواصل، والثاني: لما فيها من طيب الذكر بالثناء.
  قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} والأمر الجامع هو الجهاد وسائر طاعات الله ø التي تجمع بين المؤمنين {لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى