سورة النور مكية
  يَسْتَأْذِنُوهُ} أي لم ينصرفوا عنه حتى يستأذنوا رسول الله ÷ {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} هذا بحسب ما كان يرى رسول الله ÷ من أعذارهم والأئمة بعده لأن المنافقين كانوا إذا استأذنوا رسول الله ÷ نظر إليهم ولم يأذن لهم فكان يقول بعضهم لبعض إن محمداً يزعم أنه بعث بالعدل وهكذا يصنع بنا {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٦٢} يعني لمن أذن له من المؤمنين ليزول عنهم باستغفاره ملامة الانصراف.
  قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} وهذا نهي من الله ø عن دعاء رسوله بالغلظة والجفاء وليدع بالخضوع والخشوع والتذلل فيقال: يا رسول الله يا نبي الله ولا يقال يا محمد ويا ابن عبدالله. والثاني: أنه نهي من الله ø عن الإبطاء عن أمره والتأخر عن استدعائه لهم إلى الجهاد ولا يتأخرون عنه كما يتأخر بعضهم عن إجابة بعض {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} أي يلوذ بعضهم ببعض وينضم بعضهم إليه استتاراً من رسول الله ÷ لأنه لم يكن على المنافقين أثقل من يوم الجمعة وحضور الخطبة والجهاد فنزل فيهم ذلك لأنهم كانوا يتسللون فيه ويحتمل أن يكون معنى قوله: لواذاً أي فراراً من الجهاد، ومنه قول حسان:
  وقريش تفر منكم لواذا ... لم تحافظ وخف منها الحلوم
  {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي عن أمر رسول الله ÷ لأن مخالفة أمره مخالفة لأمر الله ø وأمره جميع ما أمر به من أمور الدنيا والآخرة {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي بلية تظهر ما في قلوبهم من