البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 555 - الجزء 2

  ثُبُورًا ١٣} يعني ويلاً وهلاكاً وتأسفاً على ما فاتهم من طاعة الله ø.

  قوله تعالى: {... لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ} من النعيم فأما المعاصي فشهواتهم عنها مصروفة {خَالِدِينَ} يعني في الثواب كخلود أهل النار في العقاب {كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ١٦} أي ما سألوا الله في الدنيا من الجنة ورغبوا إليه بالدعاء فأجابهم في الآخرة إلى ما سألوا فأعطاهم ما طلبوا.

  {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} هو يوم البعث {وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} هم عيسى وعزير والملائكة {فَيَقُولُ ءَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ} وهذا تقرير لإكذاب من ادعى ذلك عليهم وإن خرج مخرج الاستفهام وهذا القول يقال لعيسى ولعزير {أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ١٧} أي أخطأوا الطريق في قصد الحق.

  فأجابوا بأن قالوا: {سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} أي ما كنا نواليهم على عبادتهم {وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَءَابَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ} أي تركوا القرآن وغفلوا عن طاعة الله ø وتناسوا الإحسان إليهم والإنعام عليهم {وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ١٨} يعني هلكى مأخوذ من البوار وهو الهلاك، وقيل اشتقاقها من بور الأرض وهو تعطيلها من الزراعة وقيل البوار الكساد مأخوذ من بارت السلعة إذا كسدت ومنه الأثر المروي: «اللهم إني أعوذ بك من بوار الأيم» قال الزبعرى:

  يا رسول المليك إن لساني ... راتق ما فتقت دابا بوارا

  قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ} أي الملك والرسل فقد كذبوا