البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القصص

صفحة 587 - الجزء 2

  تعالى في قلبها وليس بوحي نبوة، وقيل إن الوحي كان رؤيا منام {أَنْ أَرْضِعِيهِ} فالوحي بالرضاع كان قبل الولادة {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} واليم البحر وهو النيل {وَلَا تَخَافِي} يعني الغرق والضيعة {وَلَا تَحْزَنِي} لفراقه وأن يقتل، فقيل إنها جعلته في تابوت وجعلت المفتاح مع التابوت وطرحته في البحر بعد أن أرضعته ثمانية أشهر.

  وقيل: لما ألقته قالت لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من إلقائه في البحر بيدي إلى دوابه وحيتانه قال الله تعالى: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ٧ فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ} يعني التقطنه جواري امرأة فرعون حين خرجن لاستقاء الماء فوجدن تابوته فحملنه إليها {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} أي ليكون لهم في عاقبة أمره عدواً وحزناً فاللام لام العاقبة لأنه لم يكن لهم عدواً في الحال وحزنا، وامرأة فرعون أحبته حباً شديداً وفرحت به فذكر الحال بالمال كما قال الشاعر:

  وللمنايا تربي كل مرضعة ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها

  قوله تعالى: {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} قيل إن أصحاب فرعون لما علموا بموسى جاءوا ليذبحوه فمنعتهم وجاءت به إلى فرعون وقالت: {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} فقال فرعون: قرة عين لك وأما لي فلا.

  وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «والذي نحلف به لو أقر فرعون بأنه يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله به كما هداها ولكنه حرم نفسه ذلك». {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ٩} أن هلاكهم على يديه وفي زمانه.

  قوله ø: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} من كل شيء إلا من