البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القصص

صفحة 593 - الجزء 2

  يعني أن ليس لفرعون وقومه علينا سلطان ولسنا في مملكته.

  قوله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} والقائلة لذلك هي التي دعته وهي الصغرى يعني استأجره لرعي الغنم {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ٢٦} أي القوي فيما ولي الأمين فيما استودع.

  يروى أن أباها لما قالت له ذلك قال لها: وما علمك بقوته وأمانته؟ قالت: أما قوته فإنه كشف الصخرة التي على بئر آل فلان وكان لا يكشفها إلا دون عشرة نفر، وأما أمانته فإنه خلفني خلف ظهره حين مشى.

  قوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} فقال له موسى أيهما تريد أن تنكحني؟ قال: التي دعتك فزوجها منه {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} أسقط ذكر العمل واقتصر على المدة لأنه مفهوم بينهما والعمل رعي الغنم وهذه الثماني الحجج هي شرط للأب والمهر غيرها {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} قيل إنه كان على نبي الله موسى ثمان حجج واجبة وكانت سنتان عدة منه فقضى الله عدته فأتمها عشرا.

  {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ٢٧} في حسن الصحبة والثاني فيما وعده به {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} يعني لا سبيل علي {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ٢٨} يعني شهيد وحفيظ.

  وروينا عن أبينا رسول الله ÷ أنه قال: «موسى أجر نفسه لعفة فرجه وطعمة بطنه فقال: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} قال أبرهما وأوفاهما».

  قوله تعالى: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} فيها ثلاثة أوجه أحدها: أنها شعلة من النار قال الشاعر:

  وألقى على قيس من النار جذوة ... شديداً عليها حميها والتهابها