البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الروم مكية بالاتفاق

صفحة 613 - الجزء 2

  قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} معناه أن إعادة الخلق أهون على الله من ابتداء الخلق على ما قد استقر في عقول الخلق أن إعادة الشيء أهون من ابتدائه وأن جميعه على الله هين. والثاني: معناه أهون عليه أي هين عليه كما قال الشاعر:

  إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول

  أي دعائمه عزيزة طويلة، ومعنى أهون أي أيسر وأسهل قال الشاعر:

  وهان على أسماء أن شطت النوى ... يحن إليها والهٌ ويتوق

  أي سهل عليها {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} أي الصفة العليا {وَهُوَ الْعَزِيزُ} يعني في قدرته وانتقامه {الْحَكِيمُ ٢٧} في تدبيره لأمره وإعذاره للخلق وإنذاره.

  قوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} وهذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين الذين أشركوا به في العبادة وجعلوا معبوداً سوى الذي خلقهم ورزقهم وتأويل ذلك: أنه لما يشارككم عبيدكم في أموالكم لأنكم مالكون لهم فالله سبحانه وتعالى أولى أن لا يشاركه أحد من خلقه في العبادة له لأنه مالكهم وخالقهم {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ومعنى ذلك تخافون أن يشاركوكم في أموالكم تخافون ذلك من شركائكم.

  قوله تعالى: {.. فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} أي مستقيماً مخلصاً {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} والفطرة الدين. وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «من فطرة إبراهيم السواك» قال كعب بن مالك: