البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الروم مكية بالاتفاق

صفحة 612 - الجزء 2

  كلام، وألوانكم أبيض وأسود وأحمر، وقيل اختلاف ألسنتكم النغمة والصوت حتى لا يشتبه صوتان مع التشاكل وإنما فعل ذلك حكمة دل بها على قدرته حتى لا يشتبه الناس في المعارف والمناكح والحقوق {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ٢٢} روينا عن أمير المؤمنين # أنه قال: الجن والإنس، وقد قرئ للعالِمين بكسر اللام وهو جمع عَالِم وهم علماء العترة $.

  قوله تعالى: {وَمِنْ ءَايَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} وتقدير الكلام ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، وابتغاء الفضل التصرف والعمل فجعل النوم بالليل دليلاً على الموت والتصرف في النهار دليلاً على البعث {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ٢٣} أي يسمعون الحق فيتبعونه ويمر بهم الوعظ فيخافونه.

  {وَمِنْ ءَايَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا} من الصواعق {وَطَمَعًا} في الغيث وقيل: خوفاً من البرق وطعماً في المطر.

  {وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} يعني بتدبيره وحكمته وإذنه أن تقوم بغير عمد {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ} أي وأنتم في الأرض موتى في قبوركم {إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ٢٥} أي من قبوركم مبعوثين للقيامة فصار إخراجهم بمنزلة دعائهم وإن لم يكن هناك دعاء كقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢}⁣[يس].

  قوله تعالى: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ٢٦} أي مطيعون، وروينا عن النبي ÷ أنه قال: «كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة». والثاني: يقرون بالعبودية قانتون بالشهادة أنهم عباد الله تعالى.