البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة السجدة مكية

صفحة 628 - الجزء 2

  والأحمر، وبين ذلك الحزن والسهل والخبيث والطيب».

  و {جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ} أي ذريته والسلالة الصفوة التي تنسل من غيرها فسمي ماء الرجل سلالة لانسلاله من صلبه.

  قوله تعالى: {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٨} يعني ضعيف {ثُمَّ سَوَّاهُ} أي خلقه كما شاء {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} أي من أمره.

  {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} أي هلكنا وصرنا تراباً ورفاتاً، والعرب تقول لكل شيء غلب عليه غيره حتى غاب قد ضل قال الأخطل:

  كنت القذى في موج أكدر مزبد ... قذف الإناء به فضل ضلالا

  وقال النابغة:

  فآب مصلاه بغير جنية ... وغودر بالحولان حزم ونائل

  {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} أي تعاد أجسامنا وأرواحنا للبعث خلقاً جديداً تعجباً من إعادتهم وإنكاراً لبعثهم {بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ١٠} وهذه الآية نزلت في أبي بن خلف.

  قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} أي يقبض أرواحكم والتوفي أخذ الشيء على تمام مأخوذ من توفية العدد، ومنه قولهم: استوفيت ديني. وهو الأمين على قبض الأرواح ومعه أعوان من الملائكة.

  وروينا عن آبائنا عن جعفر بن محمد عليه وعلى آبائه السلام عن رسول الله ÷ أنه نظر ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال له: «أرفق بصاحبي فهو مؤمن» فقال ملك الموت: يا رسول الله طب نفساً وقر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق، واعلم أن ما أهل بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات