سورة السجدة مكية
  حتى لأنا أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم، والله يا رسول الله لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها. وعنى بخمس مرات أوقات الصلوات. {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ١١} يعني إلى من لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً إلا هو.
  قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} من الغم والندم على ما كان من تفريطهم في أمر الله وطاعته {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} يعني أبصرنا صدق وعدك وسمعنا منك تصديق رسولك {فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ١٢} أي فارجعنا إلى دار الدنيا نعمل بعمل يكون لنا فيه قربة إليك.
  {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} وهذه المشيئة مشيئته في الإجبار أي لو أردنا إجبار النفوس على الهدى لفعلنا {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} أي وجب {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١٣} على عصيانهم وتركهم لطاعة خالقهم الذي خلقهم وأقدرهم ومكنهم من الأفعال.
  {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} يعني فذوقوا عذابي بترككم طاعتي وتكذيبكم لبعثي وجزائي {إِنَّا نَسِينَاكُمْ} يعني تركناكم في العذاب والنسيان من الله بمعنى الترك {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ} أي العذاب الدائم الذي لا انقطاع له {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٤} يعني من المعاصي في دار الدنيا، وقد تعبر في الذوق عما يطرى على النفس وإن لم يكن مطعوماً لإحساسهم به كإحساس المطعوم بالذوق قال عمرو بن أبي ربيعة:
  فذق هجرها إن كنت تزعم أنه ... رشاد ألا يا رب ما كذب الزعم
  {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} أي يصدق بحجتنا ومعجزاتنا {الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا