البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأحزاب مدنية

صفحة 634 - الجزء 2

  واتخذه أباً أصبح أعز أهله وكان زيد بن حارثة قد تبناه رسول الله ÷؛ فلما نزلت هذه الآية أمرهم الله تعالى أن يلحقوهم بآبائهم {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} ومن جعل من تبنوه كمن أولدتموه {ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} أن امرأته بالظهار أمه وأن دعيه بالتبني ابنه {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ} في أن المرأة لا تصير بالظهار أماً ولا الدعي بالتبني ابناً {وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ٤} في إلحاق النسب بالأب وفي الزوجة أنها لا تصير كالأم.

  قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} ويقال إنه ما كان يسمى زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد؛ حتى نزل قوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} فدعي زيد بن حارثة وعرفت كلب نسبه وأقروا به {هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أي أعدل عند الله قولاً وحكماً {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا ءَابَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} يعني إن لم يعرف لهم أب ينسبون إليه كانوا إخواناً في الدين إذا كانوا أحراراً وموالي إذا كانوا عتقاء كما فعل المسلمون فيمن عرفوا نسبه وفيمن لم يعرفوا فإن المقداد بن عمرو وكان يقال له المقداد بن الأسود بن عبد يغوث الزهري فرجع إلى المدينة وممن لم يعرف له نسب سالم مولى أبي حذيفة فنسب إلى ولاء أبي حذيفة، {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} قبل النهي ولكن الجناح فيما تعمدتم به بعد النهي في هذا أو غيره.

  {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وسبب نزول هذه الآية أن رسول الله ÷ لما أرد غزوة تبوك أمر الناس بالخروج معه فقام قوم منهم فقالوا: نشاور آباؤنا وأمهاتنا نستأذنهم فأنزل الله تعالى في ذلك فيهم وينزلهم أنه أولى به منهم وكذلك من قام مقامه من خيار عترته فهو أولى بأمته {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وأراد بالأزواج من بانت خيريتها