البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأحزاب مدنية

صفحة 649 - الجزء 2

  ولم يكن عنده يومئذ في حباله من بنات عمه ولا من بنات خاله امرأة فلما جاء إحلال مَنْ ذكرنا كان ذلك حكماً مستجداً ناسخاً لنهي تحليل النساء له.

  وقوله: {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} يعني من المسلمات {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} روينا عن آبائنا $ عن زين العابدين علي بن الحسين @ أنها أم شريك ابنة جابر وهبت نفسها لرسول الله ÷ فتزوجها من وليها.

  وقوله: {خَالِصَةً لَكَ} يعني لم تطلب من رسول الله ÷ صداقاً ولا رغبت منه في جهاز، وقد ينعقد اسم النكاح بلفظ الهبة فيقول الولي للزوج: قد وهبتك كريمتي، وتقول المرأة: قد وهبت نفسي لفلان أي رضيته.

  قوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} من الفرض الذي فرض الله تعالى ألا تتزوج المرأة إلا بولي وشاهدين وأن لا يتجاوز الرجل الأربع والنفقة لهن والقسم بينهن بالسوية {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} يعني أنهن يحللن من غير عدد مخصوص ولا قسم مستحق {لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} وهو راجع إلى قوله {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ}.

  {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} حتى تطلق من تشاء من نسائك وتمسك من تشاء {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} وعنى بالعزل هنا الطلاق والمراد فمن ابتغيت أن تؤويه وتراجعه بعدما عزلت بالطلاق فلك الرجعة {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} في ذلك فيمن ابتغيت وفيمن عزلت {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} يعني إذا علمت أن لهن رد إلى فراشه بعد عزله وطلاقه قرت أعينهن فلا يحزن.

  قوله تعالى: {.. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ