البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأحزاب مدنية

صفحة 650 - الجزء 2

  يُؤْذَنَ لَكُمْ} وهذا حكم من الله تعالى في منع الداخل منزل غيره إلا بإذنه وهو موافق له في سورة النور مما ذكرنا حكمه من وجوب الاستئذان {إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} أي غير متوقعين حينه ووقت نضجه {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا} فدل هذا على حظر الدخول بغير إذن {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} أي فاخرجوا فدل على أن الدخول للأكل يمنع من المقام بعد الفراغ من الأكل {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} وذلك أنهم كانوا إذا أكلوا عند رسول الله ÷ جلسوا يتحدثون حتى جاء النهي من الله تعالى عن ذلك {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} أي يخبركم به {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} أي لا يترك الأمر بالحق {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} يعني حاجة أمرن وسائر النساء بالاحتجاب عن أبصار الرجال وأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} يعني أطهر من الشهوة والريب {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} وروينا أن رجلاً من قريش قال عند نزول آية الحجاب: حجبنا رسول الله ÷ عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا لئن حدث عليه حدث الموت لنتزوجن نساءه من بعده فنزلت هذه.

  قوله تعالى: {.. لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي ءَابَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ} يعني في ترك الحجاب {وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ} ولم يذكر العم لأنه بمنزلة الأب {وَلَا نِسَائِهِنَّ} يعني المسلمات {وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} من الإماء وصغار العبيد الذين لم يطلعوا بعد على عورات النساء.

  وسبب هذه ما روينا أنه لما نزلت آية الحجاب قام الآباء والأبناء فقالوا: