البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يس مكية

صفحة 672 - الجزء 2

  بين أيديهم ومن خلفهم هي ما حال الله تعالى بين نبيه ÷ وبين أعدائه حتى لم يقدروا عليه فكأن بينهم وبين رسول الله ÷ سداً لم يصلوا إليه بمكروه حين منعه الله منهم {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ٩} يعني أغشيناهم أبصارهم ظلمة حين أصروا على الكفر مكافأة لإيثارهم المعصية على الطاعة.

  قوله تعالى: {.. إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} والغيب هو ما يغيب به عن أعين الناس من أسرار علمه {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ} يعني غفران لذنبه حين أخلص لله عمله.

  قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى} فيه تأويلان أحدهما نحييهم بالإيمان والثاني نحييهم عند البعث للجزاء {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} أي نعلم ما قدموا من خير أو شر {وَءَاثَارَهُمْ} وهو ما سنوه من سنة حسنة أو ابتدعوه من بدعة مستهجنة {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ١٢} يعني في علم واضح يتبع كما يتبع الإمام في المشكلات.

  قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} هي أنطاكية.

  {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا} وهما شمعون ويوحنا {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} فقوينا مأخوذ من العزة وهي القوة المنيعة واسم هذا الثالث سكرم.

  {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} هذا منهم على جهة الإنكار لرسالتهم ومعناه أن مثلنا من البشر لا يجوز أن يكونوا رسلاً {وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ} فيه تأويلان أحدهما: أن يكون ذلك منهم إنكار للرحمن أن يكون إلهاً مُرْسِلاً. والثاني: أن يكون ذلك إنكار أن يكون للرحمن رسل إلى خلقه {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ١٥} يحتمل وجهين أحدهما: تكذبون في أن لنا