البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحشر مدنية

صفحة 789 - الجزء 2

  قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} وهذا مثل ضربه الله للمكلفين من عباده أنه لو أنذر بهذا القرآن الجبال لتصدعت من خشية الله والإنسان أقل قوة وأكثر ثباتاً فهو يقوم بحقه إن أطاع الله ويقدر على رده إن عصى لأنه موعود بالثواب وموعود بالعقاب.

  قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} واسم الله الأعظم هو الله {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} أي عالم السر والعلانية وما كان وما يكون من الحياة والموت والآجال والأرزاق {هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ٢٢} قد مضى تفسيرهما.

  {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} والقدوس الطاهر قال الراجز:

  قد علم القدوس رب القدس

  {السَّلَامُ} أي أنه السالم من الآفات والعاهات والزوال والفناء بخلاف خلقه. والثاني: سمي بذلك لسلامة عباده من ظلمه {الْمُؤْمِنُ} لأنه قد أمن خلقه من ظلمه وعذابه من غير استحقاق و {الْمُهَيْمِنُ} من أسمائه أيضاً وهو الشاهد على خلقه بأعمالهم وعلى نفسه بثوابهم وعقابهم ويحتمل أن يكون بمعنى الأمين في جميع أفعاله {الْعَزِيزُ} فيه وجهان: العزيز في امتناعه وانتقامه، والثاني: الغالب الجبار العظيم الشأن في القدرة والسلطان {الْمُتَكَبِّرُ} عن الشبهات والمستحق لجميع الصفات و {الْبَارِئُ} هو المنشئ ومنه قول الشاعر:

  براك الله حين براك عينا ... وفجر منك أنهاراً عذابا