سورة التغابن مدنية
  والبرهان وأوضحه لهم من البيان عن زيادة تدعو إلى الرشد وتقود إلى الهداية {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ٦} يعني أنه غني عن أعمالكم والحميد معناه ما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ أنه قال: الحميد المستحمد إلى خلقه بما ينعم عليهم به.
  قوله تعالى: {... يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} يعني يوم القيامة {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} وإنما سمي يوم القيامة يوم التغابن لأنه غبن أهل الجنة أهل النار، قال الشاعر:
  لعمرك ما شيء يفوتك نيله ... بغبن ولكن في العقول التغابن
  قوله تعالى: {.. مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} يعني من مصيبة في نفس أو مال أو قول أو فعل إلا بإذن الله أي بعلم الله {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} يعني هو الذي إذا ابتلي صبر وإذا أنعم عليه شكر وإذا ظُلم غفر.
  قوله تعالى: {... يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} يعني إن منهم من هو مخالف في الدين فصار لمخالفته في الدين عدواً فاحذروهم يعني احذروهم على دينكم {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٤} وذلك من أسلم بمكة ومنعه أهله من الهجرة فهاجر قال: لئن رجعت لأفعلن بأهلي ولأصنعن ومنهم من قال: لا ينالون مني خيراً أبداً فلما كان عام الفتح أمروا بالصفح والعفو عن أهاليهم فنزلت هذه الآية فيهم.
  قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} يعني بلاء ومحنة {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ١٥} وهو ثواب الجنة {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} أي جهدكم وثوابكم طاقتكم روينا أنه لما نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران: ١٠٢]، اشتد ذلك على القوم