البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الملك مكية

صفحة 815 - الجزء 2

  قوله تعالى: {... هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} يعني مذللة سهلة، وروينا أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ فللسودان اثني عشر وللروم ثمانية ولفارس والعرب أربعة آلاف. {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} يعني في جبالها وطرقها {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} أي مما أحله لكم {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ١٥} أي البعث.

  قوله تعالى: {ءَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} يعني من أمره وعظمته في السماء {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ١٦} أي تدور وتجري قال الشاعر:

  رمين فأقصدن القلوب ولو ترى ... دماً مائراً إلا جرى في الحيانم

  قوله تعالى: {... أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى} ... الآية، وهذا مثل ضربه الله تعالى للهدى والضلال ومعناه ليس من يمشي مكباً على وجهه لا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله كمن يمشي سوياً معتدلاً ناظراً بين يديه وعن يمينه وشماله والصراط هو طريق الهدى فشبه الله سبحانه الكافر بالمكب على وجهه والذي يمشي سوياً هو المؤمن يهتدي بإيمانه ومعناه من يمشي في الضلالة أمن يمشي مهتدياً.

  {.. قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} يعني خلقكم {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٢٤} أي تبعثون بعد الموت.

  {... فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} أي قريباً وعياناً {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني ظهر السوء في وجوههم سمة تدل على كفرهم لقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}⁣[آل عمران: ١٠٦]، {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ٢٧} أي تمترون وتختلفون.